اطبع هذه الصفحة

الرئيسية » بحوث ومقالات الشيخ

إليكم شباب الإسلام ووصايا وتوجيهات

(الشباب وأهمية تهذيب الأخلاق والسلوك)

 الكاتب: الشيخ عاطف عبد المعز الفيومي

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد صلى الله عليه وآله أجمعين. أما بعد: فإليكم يا شباب الإسلام، وعماد الأمة، وطريق العطاء، ومعقل البناء، وجيل النصر والتمكين، إليكم هذه الكلمات، وإليكم هذه الوصايا والتوجيهات، أقدِّمها لكم؛ عسى الله تعالى أن ينفع بها أنفسًا، ويَهدي بها قلوبًا، ويرفع بها هِمَمًا، فاسمعوا أيُّها الشباب المسلم، وخذوا من الكلام أطيبه، ومن الحديث أصحه وأثبته، وإنِّي لأوجز مقالي ورسالتي في نقاطٍ ومَحاور محددة إليكم، فأقول*:

أهمية تهذيب الأخلاق والسلوك:

من الواجب أيضًا عليكم أيها الشباب: أن تعلموا أهمية تهذيب الأخلاق والسُّلوك، وتزكية النفس وتطهيرها من السَّفاسف والمساوئ والأخلاق والصفات السيئة القبيحة؛ وأن تعملوا على ذلك، لأنَّ الله تعالى أعلى من مكانة الإنسان، وفضَّله على سائر المخلوقات، فقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً﴾ [الإسراء: 70]، فإذا لم تُهَذَّب أخلاق الإنسان وتُزَكَّى وفق منهج الله تعالى وتكريمه، صار الإنسان لا وزنَ له ولا قيمة، ولا شأن له ولا رِفْعة، بل صار أضلَّ من الأنعام، كما قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَ يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾ [الأعراف: 179].

ومن أجْل إعلاء شأن الإنسان في الحياة؛ جاء الإسلام بِمَكارم الأخلاق ومَحاسنها، وبناء الشَّخصية الإسلامية المتميِّزة، وقد دلَّ عليها النبيُّ صلى الله عليه وسلم بأخلاقه وأقواله، ومن تأمَّل آيات القرآن، وأمعن فيها النَّظَر، ظهر له صور ومَجالاتٌ من دعوة القرآن إلى مكارم الأخلاق ومعاليها، ووجوب التحلِّي بها، ونَعْيه على المخالفين للفضائل وأصولِها، وما ذلك إلا لكون الأخلاق ميزانًا شرعيًّا يُهذِّب الإنسان، ويَرقى به إلى مدارج الإنسانيَّة الفاضلة.

· معنى الأخلاق وضرورتها في بناء الشخصية المسلمة:

أيها الشباب: يمكننا تعريف الأخلاق بأنَّها: مجموعةٌ من المعاني والصِّفات المستقرَّة في النَّفس، وفي ضوئها وميزانِها يحسن الفعل في نظر الإنسان أو يَقْبح، ومن ثَمَّ يُقْدم عليه أو يُحْجم عنه، ولهذا كان المنهج السَّديد في إصلاح الناس وتقويم سلوكِهم، وتيسير سُبُل الحياة الطيِّبة لهم - أن يبدأ المصلِحون بإصلاح النُّفوس وتزكيتها، وغرس معاني الأخلاق الجيِّدة فيها؛ ولهذا أكَّد الإسلامُ على إصلاح النُّفوس، وبيَّن أن تغيُّر أحوال الناس من سعادةٍ وشقاء، ويُسرٍ وعسر، ورخاءٍ وضيق، وطمأنينةٍ وقلق، وعزٍّ وذُل، كل ذلك ونحوه تبعٌ لتغيُّر ما بأنفسهم من معانٍ وصفات؛ قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ [الرعد: 11]، وصدق القائل:

فأدب النفس واستكمل فضائلها   ***   فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان

وقال آخر:

صَـلاحُ أَمْـرِكَ لِلأَخْـلاقِ مَرْجِعُـهُ   ***    فَقَـوِّمِ النَّفْـسَ بِالأَخْـلاقِ تَسْتَقِـمِ

ولذلك فإن من أَجَلِّ الغايات التي جاءت الرسالة الإسلاميَّة لتحقيقها: تلك الغايةَ الإنسانيَّة السامية، وهي: أن يكون للإنسان خُلقٌ كريم، وسُلوكٌ نظيف، يليق بكرامة الإنسان، ويتَّفق مع ما خُلِق له من خلافةٍ ورسالة في الأرض، وهذه هي الغاية التي حاولها الفلاسفة، والعلماء، والمصلحون عبر قرون مضَت، ولم يبلغوا فيها شأوًا، أو يصلوا إلى تحقيق هذا الأمل المنشود.

فالإيمان والتوكل، والبر والإحسان، والمحبَّة والمودَّة، والصِّدق والإخلاص والمجاهدة، والدعوة إلى الله، والأمانة والوفاء، والعدل والتقوى، العفة والحياء، والصبر والعفو، والتسامح وسلامة الصدر، وحسن المعاملة، والتَّعاون والإيثار، والبذل والتضحية وإنكار الذَّات، ونفع الناس عامة، ودفع الأذى عنهم، واتباع النبي صلى الله عليه وسلم ومحبته والدفاع عنه وعن دينه وسنته، والتأسي والاقتداء به في كل أحواله المشروعة، والبعد عن سفاسف الأخلاق والميوعة والتخنث والتشبه بالنساء، والتقليد الأعمى للكفار والفساق، كلها من معاني الأخلاق والمثل العليا التي دعا إليها دين الإسلام، وحث عليها، وأمر بها على المستوى الفردي والجماعي، وبشر أصحابها بالإيمان الكامل، والحياة الطيبة، وتحقيق السيادة والمجد، والقيادة والخلافة والتمكين في الأرض، والدرجات العالية في الجنة، والنجاة من عذاب النار يوم القيامة.

ولهذا أكَّد السلف الصالح على معاني الأخلاق، وتهذيب النفوس؛ فقد قال يحيى بن معاذ: "في سعَة الأخلاق كنوزُ الأرزاق"، وقال الحسَن: "حُسن الخلق: بَسْط الوجه، وبذل النَّدى، وكفُّ الأذى"، ولهذا فإن عناية الإسلام وحِرصَه على تحقيق هذه الغاية الخُلقيَّة النبيلة يُقصَد بها: إيجاد عناصر قوية، وأفرادٍ صالحين؛ كي يستطيعوا أن يُسهِموا بقلوبهم وعقولهم في ترقية الحياة البشرية وإعلائها، وليكونوا أهلاً لجواره ورضوانه فيما وراء هذه الحياة.

وهذا كله من آثار الاستجابة الكاملة للدعوة القرآنيَّة الهادية، التي تأخذ الأفراد والجماعات إلى المثالية الفاضلة في الإسلام، وقد جاء في ذلك حديث النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: (إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق)؛ رواه أحمد، والحاكم.

· مكارم الأخلاق في القرآن والسنة:

ثم اعلموا - يا شباب الإسلام - أنَّ القرآن والسُّنة فيهما من النصوص الكثير في الحثِّ على مكارم الأخلاق والصفات الكريمة، وتزكية النُّفوس، وحسن المعاملة للناس، أما من آيات القرآن، فمن ذلك: أن الله تعالى أمر عباده المؤمنين بالوفاء بالعهد والوعد، وحِفْظ الأمانات، وترك الكِبْر والخُيَلاء على الناس، وذلك في قوله تعالى: ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً ﴾ [الإسراء: 34]، وقولِه تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ﴾ [المعارج: 32]. وقال تعالى: ﴿وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً﴾ [الإسراء: 37].

وكذلك أمره تعالى بصِلَة الأرحام والقُربى، وبَذْل الإحسان إليهم، وكذلك الفقراء والمساكين، وأمره بالتوسُّط في النفقة بين الإسراف والتبذير، والشُّح والتقتير، فقال تعالى: ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا﴾ [الإسراء: 26 - 27]، وقوله تعالى: ﴿ وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا﴾ [الإسراء: 29].

وكذلك أمره تعالى لعباده بالتَّعاون على فعل الخيرات، والصِّدق في القول والعمل، ونبذ النِّفاق وإخلاف العهد مع الله ورسوله، فقال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: 2]، وقال عزَّ وجلَّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ [التوبة: 119]، وقال تعالى: ﴿فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾ [التوبة: 77].

وكذلك قوله تعالى في وصف المجتمع الإسلامي بالآداب الفاضلة، والأخلاق الكريمة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلاَ تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُوا وَلاَ يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ﴾ [الحجرات: 11 - 12].

ومنها أيضًا في وصف المؤمنين الكاملين في عبادتهم، وفي سلوكهم وأخلاقهم، قوله تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [المؤمنون: 1 - 11]. ومنها قوله تعالى: ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾ [البقرة: 177].

ومنها كذلك وجِماعُها في وصف عباد الرحمن، وبيانِ صفاتهم وأخلاقهم قولُه سبحانه: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَمًا * وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا * إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا * وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا * وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا * وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا * وَالَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا * وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا * أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاَمًا * خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا﴾ [الفرقان: 63 - 76]، هذه بعض الآيات القرآنية العظيمة الهادية والداعية إلى التخلُّق بكل خلقٍ نبيل، وأدبٍ كامل؛ والقرآنُ مملوء بعشرات الآيات في هذا الجانب الأخلاقي لمن تتبَّع واستقرأ ذلك بدقَّة.

أما الأحاديث في السنة النبوية في الحثِّ على مكارم الأخلاق أيضًا، فكثيرة، منها ما على سبيل المثال: وصف الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم بالخيريَّة والفضيلة أصحاب الأخلاق الحسَنة؛ فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: لم يكن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فاحشًا ولا متفحِّشًا، وكان يقول: ((إنَّ مِن خياركم أحسنَكم أخلاقًا))؛ متفقٌ عليه.

كما جعل حُسن الخلق والمعاملة للنَّاس، من أفضل ما يثقل ميزان المؤمن يوم القيامة؛ فعن أبي الدَّرداء رضي الله عنه: أن النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((ما من شيءٍ أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حُسن الخلق، وإن الله يبغض الفاحش البذيء))؛ رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.

كما جعَل حسن الخلق طريقًا كريمًا وسهلاً لدخول الجنة؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سُئل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن أكثرِ ما يدخل النَّاس الجنَّة؟ قال: ((تقوى الله، وحُسن الخلُق))، وسئل عن أكثرِ ما يُدخِل الناس النار، فقال: ((الفَم والفَرْج))؛ رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.

كما جعل كمال الإيمان متعلِّقًا بكمال الأخلاق والمعاملة؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خلقًا، وخياركم خياركم لنسائهم))؛ رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.

كما جعل حسن الخلق سبيلاً لِنَيل الدرجات العالية، والمنازل الرفيعة في الجنة عند الله تعالى؛ فعن عائشة رضي الله عنها، قالت: سمعتُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: ((إن المؤمن لَيُدرك بحسن خلقه درجةَ الصائم القائم))؛ رواه أبو داود.

وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((أنا زعيمٌ ببيتٍ في ربضِ الجنة لمن ترك المِراء وإن كان مُحِقًّا، وببيتٍ في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحًا، وببيتٍ في أعلى الجنة لمن حَسُن خلقه))؛ حديث صحيح، رواه أبو داود بإسناد صحيح.

كما جعل حسنَ الخلق طريقًا لنيل محبَّة الله ورسوله، والقرب من النبي صلَّى الله عليه وسلَّم يوم القيامة؛ فعن جابر رضي الله عنه، أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((إن مِن أحبِّكم إليَّ، وأقربِكم مني مجلسًا يوم القيامة، أحاسِنَكم أخلاقًا، وإن أبغضكم إلي، وأبعدكم مني يوم القيامة، الثَّرثارون والمتشدِّقون والمتفيهِقون))، قالوا: يا رسول الله، قد علمنا "الثرثارون والمتشدِّقون"، فما المتفيهِقون؟ قال: ((المتكبِّرون))؛ رواه الترمذي وقال: حديث حسن.

وعن ابن عبَّاس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لأشجِّ عبدالقيس: ((إن فيك خصلتين يحبُّهما الله: الحِلم، والأَناة))؛ رواه مسلم.

وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((إن الله رفيقٌ يحب الرِّفق في الأمر كله))؛ متفقٌ عليه. وعنها أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((إن الله رفيقٌ يحبُّ الرفق، ويعطي على الرِّفق ما لا يُعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه))؛ رواه مسلم.

كما أمر بحسن المعاملة للمخطئ والمسيء في عمله؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بال أعرابيٌّ في المسجد، فقام الناس إليه؛ لِيَقعوا فيه، فقال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: ((دعوه وأريقوا على بوله سَجْلاً من ماءٍ، أو ذَنُوبًا من ماءٍ؛ فإنما بُعِثتم ميسِّرين ولم تبعثوا معسِّرين))؛ رواه البخاري.

كما أمر بالصبر على القطيعة، واحتساب ذلك عند الله، وأمر بالصِّلة والحِلم، وعدَّ ذلك نصرًا وسلطانًا من الله على القاطعين؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن لي قرابةً أصِلُهم ويَقطعوني، وأُحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون عليَّ! فقال: ((لئن كنتَ كما قلت فكأنَّما تسفُّهم الملَّ، ولا يزال معك من الله تعالى ظهيرٌ عليهم ما دمت على ذلك))؛ رواه مسلم.

كما جعل التواصل والتزاور في الله طريقًا لمحبَّة الله تعالى؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: ((أن رجلاً زار أخًا له في قريةٍ أخرى، فأرصد الله تعالى على مدرجتِه ملَكًا، فلما أتى عليه قال: أين تريد؟ قال: أريد أخًا لي في هذه القرية، قال: هل لك عليه من نعمةٍ تربُّها عليه؟ قال: لا، غيرَ أني أحببتُه في الله تعالى، قال: فإنِّي رسول الله إليك بأنَّ الله قد أحبَّك كما أحببتَه فيه))؛ رواه مسلم.

كما جعل مصاحبة المؤمن دون غيره، وإطعامَه محبَّةً وصلة من مكارم الأخلاق؛ فعن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((لا تُصاحب إلا مؤمنًا، ولا يأكل طعامك إلا تقيٌّ))؛ رواه أبو داود، والترمذي وحسَّنه الألباني.

· النبي صلَّى الله عليه وسلَّم المثل الأعلى في الأخلاق:

وإذا وقفنا - أيها الشباب - مع سيرة وسُنَّة النبي صلَّى الله عليه وسلَّم وجدنا أنه قد ضرب لنا المثلَ الأعلى، والمثال الكامل في مكارم أخلاقِه وآدابه، مع جميع الناس؛ مؤمِنِهم وكافرهم، كبيرهم وصغيرهم، ذكَرِهم وأُنثاهم، وضرب لأمته وللعالَمِ كلِّه المثلَ الأعلى في ذلك، حتى كان خلُقُه القرآنَ، وحتى مدحه ربُّه سبحانه بقوله: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: 4].

وهذا أنسٌ خادم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، يقول: "كان رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أحسنَ الناس خلقًا"؛ متفقٌ عليه. وعنه قال: "ما مَسستُ ديباجًا ولا حريرًا أليَنَ من كفِّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ولا شَممت رائحةً قطُّ أطيبَ من رائحة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ولقد خدمتُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عشر سنين، فما قال لي قط: أفٍّ، ولا قال لشيءٍ فعلتُه: لِمَ فعلتَه؟ ولا لشيءٍ لم أفعله: ألا فعلتَ كذا"؛ متفقٌ عليه.

وتأملوا تواضع رسول الله في رعْيِه للغنم كما يرعاه أقلُّ الناس منْزلة؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((ما بعث الله نبيًّا إلاَّ رعى الغنم))، فقال أصحابه: وأنتَ؟ فقال: ((نعَم، كنتُ أرعى على قراريطَ لأهل مكة))؛ رواه البخاري.

ثم لنقف مع حِلْم وصبر رسولنا صلَّى الله عليه وسلَّم على قومه، وكيف أنه أُوتي القلب الرَّحيم، والعقل السليم، والخلق القويم؛ فعن عائشة أنَّها قالت للنبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: هل أتى عليك يومٌ كان أشدَّ من يوم أحُد؟ فقال: ((لقد لقيتُ من قومك، فكان أشد ما لقيتُ منهم يوم العقبة؛ إذْ عرضتُ نفسي على ابن عبد ياليلَ بن كلاب، فلم يُجِبني إلى ما أردت، فانطلقت - وأنا مهموم - على وجهي، فلم أفق إلاَّ في قرن الثعالب، فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابة قد أظلَّتني، فنظرتُ، فإذا فيها جبريل، فناداني، فقال: إن الله قد سمع قولَ قومك وما ردُّوا عليك، وقد بعث إليك ملَكَ الجبال؛ لتأمره بما شئتَ فيهم))، قال: ((فناداني ملَكُ الجبال، فسلَّم عليَّ، ثم قال: يا محمد، إن الله قد سمع قول قومِك، وأنا ملك الجبال، وقد بعثني ربُّك إليك؛ لتأمرني بأمرك؛ إن شئتَ أطبق عليهم الأخشبَين))، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : ((بل أرجو أن يُخرِج الله من أصلابِهم مَن يعبد الله وحده ولا يُشرك به شيئًا))؛ متفق عليه.

وعن أنس رضي الله عنه، قال: "كنتُ أمشي مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وعليه بُرْد نجراني، غليظ الحاشية، فأدركه أعرابيٌّ، فجذَبه بردائه جذبةً شديدة، فنظرت إلى صفحة عنق رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وقد أثَّر بها حاشية الرِّداء من شدة جذبته، ثم قال: يا محمد، مُرْ لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه، فضحك، ثم أمر له بعطاء"؛ رواه البخاريُّ ومسلم.

· التحذيرُ من الانحراف في الأخلاق، والتقليدِ الأعمى للكافرين والفاسقين:

وبعد هذا أيها الشباب، عليكم أن تستمسكوا بهذه المعالي من الأخلاق، وأن تعتزُّوا بما جاءكم في كتاب الله وسنَّة رسوله، وألاَّ تُخالفوا شريعة الله تعالى في سلوكِكم وأخلاقكم، وإنَّ مِمَّا ينبغي عليكم أن تحذروه أشدَّ الحذر: التقليدَ الأعمى للمنحرفين والشاذِّين والكافرين، ممن لا يريدون بشباب الأمة الإسلاميَّة خيرًا، بل ويعملون في الليل والنهار على هدم الأخلاق الفاضلة، والقِيَم النبيلة في نفوسهم.

ولقد ابتُلِيت الأمة الإسلامية اليوم بشِرذمة من هؤلاء، الذين فسدت أخلاقهم، وضاعت مبادئهم وقيمُهم، وصاروا في ركب القوم، يقلِّدون شباب الغرب والشرق، بلا ضوابط أو قيود من دينٍ أو خُلق، حتى أغرَوا كثيرًا من الشباب المسلم، وجعلوهم تبعًا لهم؛ في أخلاقهم وسلوكهم، وفي أفكارهم وعقولهم، وفي مأكلهم وملبسهم، حتى قَصَّة شعرهم صارت مثلهم حذو القُذَّة بالقُذَّة، كما أخبر بذلك النبيُّ صلى الله عليه وسلم وحذَّر من هذا المسلك الخطير، ففي الحديث المتفق عليه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لتتبعُنَّ سننَ من كان قبلكم حذو القُذَّة بالقُذَّة، حتى لو دخلوا جُحر ضبٍّ لدخلتُموه"، قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: "فمَن؟"، وصدق القائل:

إذا تشاكلت الأخلاق واقتربت   ***   دنت المسافة بين العجم والعرب

وقال آخر:

وَإِذَا أُصِيـبَ القَـوْمُ فِـي أَخْـلاقِهِمْ   ***   فَأَقِـمْ عَلَيْهِـمْ مَـأْتَمـاً وَعَـوِيـلاَ

لقد حاول أعداء الأمة مَسْخَ شباب المسلمين، وجعلهم نسخًا كربونيَّة، لا تفكِّر ولا تعمل لأمتها، لكنها تفكِّر وتعمل لحسابِهم، وتفكر بعقولهم، حتى أصبح كثيرٌ من الشباب المسلم إمَّعاتٍ بشريَّةً هزيلة، لا تملك رصيدًا من الإيمان ولا الهداية، ولا فكرًا من الإبداع والعطاء، ولا نورًا من العلم والفقه؛ لأنَّ المسلمين في الأصل ما قاموا بواجبهم تجاه أبنائهم وشبابهم، وما أحسنوا إعدادهم وتنشئتَهم وفق مبادئ الإسلام الغرَّاء، وشريعته البيضاء، ومن هنا أصبح الشباب فريسةً سهلة في يد أعداء أمَّتنا ومنافقيها، ورحم الله شوقي لما أن قال:

فإنما الأمم الأخلاق ما بقيت   ***    فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا

لقد عمل هؤلاء على إفساد وهدم أخلاق الشباب المسلم؛ عن طريق نشر الدخان والمخدرات والخمر، وإيقاعهم في حمأة الجنس والفواحش المحرمة، وإطلاق العنان للغرائز والشَّهوات، والجري وراء المظاهر، والتقليد الأعمى. والمرأة عند هؤلاء هي أوَّل الأهداف في هذه الدعوة الإباحية، والميدان الماكر؛ لأنهم يعرفون مكانتها في الإسلام وشرفها، وأنها مربية الأجيال والمصلحين والأبطال، ولهذا فهي في نظرهم العُنصر الضعيف العاطفيُّ، الذي ينساق وراء الدعاية والفتنة بلا رَوِيَّة ولا تفكير، ويستجيب لها من غير نظر للعواقب الوخيمة، وهي ذات الفعالية الكبيرة، والتأثير المباشر في إفساد الأخلاق والشباب والمجتمع؛ يقول كبيرٌ من كُبَراء الماسونيَّة الفجَرة: "يجب علينا أن نكسب المرأة؛ فأيَّ يومٍ مدَّت إلينا أيديها، فُزْنا بالحرام، وتبدَّد جيش المنتصرين للدِّين". ويقول أحد أقطاب المستعمِرين: "كأسٌ وغانية تفعلان في تحطيم الأمَّة المحمدية أكثرَ مما يفعله ألفُ مدفع، فأغرِقوها في حبِّ المادة والشهوات".

ولم يكتفوا بهذا بل عملوا كذلك على تذويب الهُوِيَّة المسلمة في صدور الأجيال المسلمة خاصة من الشباب والفتيات والناشئين، وذلك من خلال نشر الفكر الشيوعي والعلماني والليبرالي الشرقي منه والغربي في بلاد المسلمين، وإعلاء شأن النظم الديمقراطية على الشريعة الإسلامية وأحكامها، والدعوة إلى إحياء القوميات والنعرات العربية الجاهلية، والفرعونية والإغريقية وغيرها من الدعوات الباطلة، وإشغال الأجيال والشباب والعقول بذلك في الليل والنهار في كل وسائل الإعلام المقروء والمرئي والمسموع، ومن جانب آخر عملوا على تقليل هيبة العلم والعلماء في قلوب الناس، والتشكيك في مصادر الإسلام الصحيحة من الكتاب والسنة، ورواة الأحاديث النبوية، بهدف زعزعة العقيدة وإضعاف الإيمان والثقة في هذا الدين ومصادره وحملته من العلماء الراسخين، وإضعاف الانتماء إلى الهوية الإسلامية الحضارية العريقة،

وبهذا يكون الشباب المسلم عندهم إما ملحدًا كافرًا، أو متغربًا لا يعرف عن الإسلام إلا أنه غير صالح لعصرنا وزماننا، أو يكون منحرفًا منحلًا في أخلاقه وسلوكه وسمته ومظهره، وعقله وتفكيره، فغاية أمانيه في الحياة شرب السيجارة والمخدرات، أو اللعب بالقمار والنرد، أو الظفر بفتاة تحت المعاكسة، أو الوقوع معها في الإثم والفاحشة والخطيئة والرذيلة، وقد حذَّر من ذلك كله الشيخ "جاد الحق علي جاد الحق" شيخ الأزهر الأسبق رحمه الله، فقال: "إنَّ البحث عن هُوِيَّة أخرى للأمة الإسلامية خيانةٌ كبرى، وجناية عُظْمى".

كما حذر أحد الشعراء بقوله:

مُؤَامَرَةٌ تَدُورُ عَلَى الشَّبَابِ   ***   لِيُعْرِضَ عَنْ مُعَانَقَةِ الْحِرَابِ

مُؤَامَرَةٌ تَقُولُ لَهُمْ تَعَالَوْا   ***   إِلَى الشَّهَوَاتِ فِي ظِلِّ الشَّرَابِ

مُؤَامَرَةٌ مَرَامِيهَا عِظَامٌ   ***    تُدَبِّرُهَا شَيَاطِينُ الْخَرَابِ

ولننظر إلى "أغا أوغلي أحمد" الذي كان أحدَ غُلاة الكماليِّين الأتراك، القائل: "إنَّنا عزَمْنا على أن نأخذ كلَّ ما عند الغربيين، حتى الالتهابات التي في رئيهم، والنَّجاسات التي في أمعائهم!"، وهذا "طه حسين" داعية التَّبعية المُطْلَقة للغرب، حتى في مفاسده وشروره، والقائل: "لو وقف الدِّين الإسلاميُّ حاجزًا بيننا وبين فرعونيَّتِنا، لنبَذْناه".

إذًا من الواجب عليكم - يا شباب الإسلام - الحذَرُ أشدَّ الحذر من هذا المسلك الخطير، والكيد الكبير، والمؤامرة الخبيثة، وعليكم أن ترسخوا أخلاقكم كما أمرَكم ربُّكم، وحثَّكم نبيُّكم، ولا تيئسوا من الفِتَن القائمة حولكم؛ فإنَّ نصر الله قريب.

_________________________

* من كتاب: إليكم يا شباب الإسلام، للشيخ عاطف الفيومي.

 

   
 

 
 

  العودة إلى الخلف       

  اطبع هذه الصفحة

أضف هذا الموقع للمفضلة لديك