اطبع هذه الصفحة

الرئيسية » بحوث ومقالات الشيخ

حاجة أولادنا إلى منهج القرآن التربوي

 الكاتب: الشيخ عاطف عبد المعز الفيومي

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد صلى الله عليه وآله أجمعين. أما بعد: فما أجل منهج القرآن في تربية النفوس وتزكيتها، وما أعلى مكانة المربي حينما يجعل القرآن ومنهاجه الأقوم هو عماد تربيته ومنهاجه كذلك.

وأولادنا اليوم في وسط هذا الكم الكبير من الفتن والمغريات والمستغربات والشهوات والشبهات أولادنا في حاجة إلى  المنهج الأقوم في البناء والتربية، وذلك لعدة أسباب منها:

1- في حاجة ملحة وماسة إلى منهج يصحح لهم عقائدهم التي ربما يشوبها شيء من الشبهات والانحرافات بسبب تعدد مناهج التربية ،وربما تناقضها كثيراً واضطرابها في عرض تصور صحيح عن مفاهيم العقيدة الإسلامية ،وبيان سبل الوقاية من خطر الزيغ والانحراف عنها ،ذلك أننا نرى حولنا فرق ومذاهب تسمى أحيانا بالإسلامية ومنها ما هو فكرى تصوري ومنها ما هو وجودي إلحادي ومنها ما هو متحلل إباحي وهكذا مخاطر كثيرة ومتعددة المناهج والمعتقدات.

وجل هذه الفرق والمذاهب فيها ما فيها من مزالق الانحراف والزيغ ما حذر الله تعالى عنه ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وحينما ترى شاباً في مقتبل عمره يعتنق مذهباً منها، يأسف القلب كمداً عندها لما وصل لهذا وغيره من هذا الخلل والانحراف عن التصور الصحيح عن الكون والحياة وعن الدين والإله.

ولا ريب أن العاصم من كل ذلك ملازمة منهج القرآن الصحيح الصافي الذي جعله الله تعالى عصمة من كل ضلالة وزيغ وفتنة.

2- ونحن في حاجة ماسة أيضاً إلى منهاج القرآن التربوي لأن الفساد الأخلاقي صار اليوم أيضاً داءً عضالاً ومرضاً مستشرياً بشدة في الأجيال المتأخرة وذلك لأسباب كثيرة :

منها: جهل كثير من المسلمين بمحاسن الشريعة الإسلامية وبما جاءت به من الحث على مكارم الأخلاق والإعلاء من شأن أصحاب الأخلاق الحسنة عند الله تعالى في الدنيا والآخرة، ومنها حب الدنيا والانغماس في طلبها واللهث الدائم خلفها بغية الطمع فيما لا يدوم ولا يبقي ولكنه الشيطان وشهوات النفوس الزائغة عن الرضي بما قسم الله تعالى من أجل ذلك يبيع كثير من الناس أخلاقهم ومبادئهم بالسب والشتم واللعن والكذب والغش والظلم بغية جمع شيء من حطام الدنيا الفانية.

ومنها: مكر الأعداء بشباب الأمة الإسلامية والكيد لهم في الليل والنهار بغية إفسادهم وإبعادهم عن حقيقة دينهم ومحاسنه السامية وما كل ذلك إلا ليتمكنوا من خلق أجيال تنتسب إلى الإسلام شكلاً ولا تعرف عن حقيقة الإسلام شيئاً يذكر ومن ثم تحقق أمثال هذه الأجيال مآرب الأعداء بلا جهد منهم ولا مشقة ولا عناء.

ولا ريب أن هؤلاء ناصبوا الأمة العداء والكيد بكثير من غرس الشهوات المنحرفة في النفوس من حب جمع الأموال من خلال صور اقتصادية وتجارية لا تعرف الإسلام في تعاملها ولا تجارتها فتأكل من الربا والغش والاحتيال بصور كثيرة،وكذلك فتحهم لأسباب حب الشهوات المحرمة من الإباحية وحب النساء بلا ضوابط أو قيود تنظم للناس معاشهم وتحفظهم من الوقوع في حمأة الشهوات الجارفة والفتن والرذيلة،ففتحوا دور السينمات والأفلام الفاجرة والأغاني الهابطة ولا يزالون يضربون على هذا الوتر إلى اليوم مع نفث شيء من المسكرات والمخدرات لإضعاف الأبدان عن التطلع إلى العافية واليقظة والدفاع عن الأوطان والدين والشريعة والجهاد في سبيل الله تعالى.

3- ونحن في حاجة ماسة أيضاً إلى المنهج القرآني التربوي بسبب اضطراب مناهج التربية نفسها ، فالمناهج التربوية اليوم متخبطة كثيراً ومتأثرة بالغرب والولع بتقليده في كل ما يأتي به حقاً كان أو باطلاً صواباً كان أو خطأً.

4- ونحن في حاجة ماسة للمنهج القرآني لأنه هو المنهج التربوي الشامل الكامل والمحفوظ من كل تغيير أو تحريف أو تبديل أو نقص أو خلل،ولأنه  المنهج المنزل من عند الله تعالى الذي يعلم النفس البشرية، ويعلم ما يهذبها ويصلحها، ويعلم ما ينفعها ويضرها،ويعلم ما يهديها ويقومها وما يغويها ويشقيها، ولأنه ليس من عند أفكار أو تصورات قاصرة ، وليس من عند مناهج بشرية تغلب النفس وشهواتها على مرضاة ربها وموجدها،أو تغلب  العقل على الوجدان أو الوجدان على العقل أو على العاطفة وهكذا، لكنه منهج الله وحده الذي أقام به وفيه كل مقومات البناء العقدي والأخلاقي والتعبدي والحياتي كلها على أحسن وأكمل وجوهها، بل كان ذلك واقعاً مرئياً وبشرياً أقامه الله بكتابه في النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم، فحملوا هداياته وإشراقاته وعلومه وأخلاقه وتشريعاته الكاملة الشاملة فصانوا به الدنيا والآخرة ، فما أجله وأكرمه من منهج رباني محفوظ"إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" كلام الله تعالى لخلقه.

لكل هذه الأسباب وغيرها نحن في حاجة إلى منهج تربوي عاصم ،منهج فيه الجمع بين خيري الدنيا والآخرة،وفيه المفاهيم العقدية الصحيحة عن الكون والإنسان والحياة،وفيه الوقاية من الانحراف والفساد الأخلاقي مع تهذيب النفس والارتقاء بها إلى حيث مكانة الإنسان السامية التي تؤهله إلى خلافة لله تعالى في أرضه .

وكل ذلك جاء به القرآن المنزل على النبي صلى الله عليه وسلم،وجاء بمنهاجه القويم الذي أخرج به الناس من الظلمات إلى النور،وهداهم إلى معرفة خالقهم وعبادته وحده لا شريك له،وفتح لهم به الدنيا وخيراتها وكنوزها تحت سيف الجهاد في سبيل الله وحده، وليس في سبيل الدنيا القليلة الفانية،وجاء بالعلم وكشف مغاليق الكون والحياة والكثير منها الذي لم يكن يعلمه الإنسان لولا هداية الله تعالى وحده،فحكموا الدنيا وصاروا أسيادها وقادتها فهل لنا إليهم من سبيل...؟؟.

وصدق الله تعالى إذ يقول في كتابه العزيز:"إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجراًكبيراً".

   
 

 
 

  العودة إلى الخلف       

  اطبع هذه الصفحة

أضف هذا الموقع للمفضلة لديك